للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا كان قد أصاب في نفي هذا الظاهر المتوهم الفاسد، لأن في الأثر ما يدفع هذا المعنى الفاسد كما سيبينه الشيخ بعد قليل.

المثال الثالث: حديث («قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء») (١) قالوا: قد علم أن ليس في قلوبنا أصابع الحق، فزعموا أن ظاهر الحديث يدل على أن أصابع الرب تعالى داخلة في أجوافنا، متصلة بقلوبنا، ولذا قالوا بأن الظاهر غير مراد.

فيقال: إن هذا النافي قد أحسن في نفيه لهذا المعنى الفاسد، وفي نفيه لأن يكون هذا المعنى الفاسد مراداً، ولكنه غلط في زعمه وظنه بأن هذا المعنى الفاسد هو ظاهر الحديث.

ومنشأ غلطه: اعتقاده بأن «البينية» تقتضي الاتصال والملاصقة، وليس الأمر كذلك؛ ف «البينية» في اللغة العربية لا يلزم منها اتصال ولا التصاق، بل قد تقتضي ذلك وقد لا تقتضيه، كما في لفظ «المعية» فهي تقتضي مطلق المصاحبة، وقد يكون معها امتزاج وقد لا يكون.

* * *


(١) لم أجد هذا اللفظ، وقد روى مسلم (٢٦٥٤) من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي : «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن؛ كقلب واحد يصرفه حيث يشاء .. ».

<<  <   >  >>