للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن»؛ فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصلٌ بالأصابع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه.

ولا في قول القائل: «هذا بين يَدَيَّ» ما يقتضي مباشرته ليديه.

وإذا قيل: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٦٤]، لم يقتض أن يكون مماساً للسماء والأرض. ونظائر هذا كثيرة.

وكذلك في هذا المثال الثالث: مَنْ ظنَّ أنَّ ظاهره أنَّ أصابع الرب متصلة بالقلوب، وأنها داخلة في أجواف العباد؛ فيوجب تأويل هذا الحديث؛ لأن ظاهره ليس بمراد: فهذا غالطٌ من جهة اللفظ؛ حيث زعم وتوهم أن ظاهر الحديث: أن أصابع الرب في قلوب وأجواف العباد، وإن كان مصيباً في نفي هذا المعنى الباطل الذي توهمه.

ونقول: إن ما توهمه من ظاهر الحديث؛ غير صحيح، فالحديث لا يدل على ذلك؛ لأن لفظة (بَيْنَ) لا تقتضي اتصالاً ولا ملاصقة، كما إذا قال القائل: (هذا بين يَدَيَّ)، ومعلوم إذا قيل: (السحاب بين السماء والأرض)؛ لا يقتضي ذلك اتصاله بالسماء، ولا بالأرض.

<<  <   >  >>