وهي شبيهة بقوله تعالى:(﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾) وذلك من جهة ذكر المثنى بلفظ الجمع، فالمثنى في اللغة العربية إذا أضيف إلى مثنى أو جمع فإنه يجمع، ومن شواهده قوله تعالى: ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، وقوله تعالى: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤].
فكذلك هنا لما ذكر الله تعالى نفسه بصيغة الجمع الدالة على التعظيم، وأضاف الصفة المثناة إليه، ذكرها بصيغة الجمع، كما في قوله:(﴿أَيْدِينَا﴾)، وقوله:(﴿بِأَعْيُنِنَا﴾).
كما أن آية (يس) تشبه آية الملك، وهي قوله:(﴿بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾)، وآية آل عمران، وهي قوله:(﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾) من جهة ذكر لفظ اليد بصيغة المفردِ، والمفردُ المضاف يعمُّ كلَّ ما يدخل تحت مسماه (١).
وقد دلت النصوص أن لله تعالى يدين تليقان به سبحانه، لا تماثل أيدي المخلوقين، كما هو الشأن في سائر صفاته، وهذه الآيات وإن كانت تدل على إثبات صفة اليد لله تعالى؛ إلا أن الآيات الواردة في إثبات هذه الصفة بعضها أصرح من بعض في الدلالة على ذلك والبعد عن شبهة المجاز.
فأصرح آية في ذلك، وأبعد آية عن شبهة المجاز: آية (ص)؛ وهي قوله تعالى:(﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾)، ثم آية المائدة؛ وهي قوله:(﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾) وإن كانت آية جمع اليدين مما يُستدل به عند أهل السنة والجماعة على إثبات هذه الصفة.
(١) «البحر المحيط في أصول الفقه» ٣/ ١٠٨، و «القواعد» لابن اللحام ٢/ ٧٣٣، و «شرح الكوكب المنير» ٣/ ١٣٦، وهو مذهب الجمهور.