وإذا كان المخلوق يمكن أن يوصف بأنه في العلو، دون أن يكون في شيء وجودي يحويه ويحيط به؛ كما في العرش؛ فالخالق أَوْلى وأحرى بألَّا يستلزم وصفه بأنه في السماء أن يكون في شيء وجودي، يحيط به، ويحصره، فلكلِّ مقامٍ مقالٌ.
فإذا قلنا:«الطير في السماء»، فإنا نعني به: العلو النسبي.
وإذا قلنا:«الملائكة في السماء»، فإنا نعني به: السموات المبنية؛ فإنهم عُمَّارها.
وإذا قلنا:«الجنة في السماء»، كان هذا محتملاً أن تكون داخل السموات، أو فوقها، وأما الفردوس التي سقفها عرش الرحمن، وهي أعلى الجنة، فإنها فوق السموات، وهي في العلو، وهكذا العرش.
فكل ما كان في العلو فهو في السماء، وما فوق المخلوقات جميعاً؛ فهو في العلو، العلو المطلق.
فالعلو نوعان: علو نسبي، وعلو مطلق.
فالعلو النسبي يكون في حق المخلوقات، فبعضها فوق بعض، فوصف المخلوق بالعلو؛ هو بالنسبة لما دونه.
أما العلو المطلق على كل شيء؛ فهو في حق الباري ﷾، فله العلو المطلق: ذاتاً، وقدراً، وقهراً.