للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالآيات المتشابهات معلومة لنا من وجه دون وجه، فالوجه الذي نعلمه هو الذي نصل إليه بالتدبر، والوجه الذي لا نعلمه هو الذي استأثر الله تعالى بعلمه، وأخبرنا بذلك في قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾، إذاً؛ فهذه القاعدة يستدل لها بمجموع النصوص: نصوص التدبر وما أشبهها، وآية آل عمران.

وهي مستنبطة من هذه النصوص، وهي أيضاً تتضمن الجمع بين هذه النصوص، فبمراعاة مضمون القاعدة؛ يحصل الجمع.

قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ قد دلت الآية على أن القرآن نوعان: آيات محكمات، وآيات متشابهات، والآياتُ المحكمات هنَّ الأصل الذي يُرَدُّ إليه غيره، فالآيات المتشابهات ترد إلى الآيات المحكمات.

وقد اختُلِف في المراد بالمحكمات والمتشابهات (١)، فقيل: المحكم؛ هو: «البيِّن الذي لا يشتبه معناه، ولا يخفى على أكثر الناس»، والمتشابه؛ هو: «الذي يخفى معناه على بعض الناس».

وقريب من هذا قول من يقول: المحكم؛ هو: «ما لا يحتمل إلا معنى واحداً»، والمتشابه؛ هو: «ما يحتمل أكثر من معنى».

وقيل: المحكم؛ هو: «الناسخ»، والمتشابه؛ هو: «المنسوخ».

وقيل: إن المحكم؛ هو: «ما يجب الإيمان به والعمل»، أي: يقتضي عملاً؛ كنصوص الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، والمتشابه: «ما


(١) «تفسير الطبري» ٥/ ١٩٢.

<<  <   >  >>