فالآيات المتشابهات معلومة لنا من وجه دون وجه، فالوجه الذي نعلمه هو الذي نصل إليه بالتدبر، والوجه الذي لا نعلمه هو الذي استأثر الله تعالى بعلمه، وأخبرنا بذلك في قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾، إذاً؛ فهذه القاعدة يستدل لها بمجموع النصوص: نصوص التدبر وما أشبهها، وآية آل عمران.
وهي مستنبطة من هذه النصوص، وهي أيضاً تتضمن الجمع بين هذه النصوص، فبمراعاة مضمون القاعدة؛ يحصل الجمع.
قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ قد دلت الآية على أن القرآن نوعان: آيات محكمات، وآيات متشابهات، والآياتُ المحكمات هنَّ الأصل الذي يُرَدُّ إليه غيره، فالآيات المتشابهات ترد إلى الآيات المحكمات.
وقد اختُلِف في المراد بالمحكمات والمتشابهات (١)، فقيل: المحكم؛ هو:«البيِّن الذي لا يشتبه معناه، ولا يخفى على أكثر الناس»، والمتشابه؛ هو:«الذي يخفى معناه على بعض الناس».
وقريب من هذا قول من يقول: المحكم؛ هو:«ما لا يحتمل إلا معنى واحداً»، والمتشابه؛ هو:«ما يحتمل أكثر من معنى».