للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجعل يديه مِنْ داخل بحيث لا يكون له منفذ، أخذاً من الصمم؛ وهو: انسداد الأذن، والشيء الأصم: الذي لا منفذ فيه (١).

ففهم أهل اللغة من اشتمال الصماء هذا، وأما الفقهاء؛ فعندهم: أن اشتمال الصماء؛ هي: أن يلتحف الإنسان بالثوب الواحد ليس عليه غيره، ويجعل طرفيه على عاتقه، فإذا أراد أن يخرج يده أدى هذا إلى انكشاف العورة، ولو انفلت الطرف الذي على الكتف كذلك، وأما إذا كان إزار مع الثوب؛ فالصحيح أنه لا بأس؛ كحال المضطبع في الإحرام (٢).

فالفقهاء فسَّروا اشتمال الصماء بنحو هذا التفسير، وقالوا: السر في هذا النهي أنها مظنة لانكشاف العورة، فالفقهاء؛ إذاً؛ أعلم؛ لأن المقصود الأول من اللباس؛ هو: ستر العورة، والمقصود الثاني: الزينة، قال الله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [الأعراف: ٢٦]، وما نهي عنه من هذه اللبسات؛ لأنها مظنة انكشاف العورة، فكل لبسة تُعَرِّض العورة للانكشاف؛ فإنه ينهى عنها، وكل لبسة تكون أستر؛ فهي أكمل وأفضل؛ لأنها تحقق المقصود الشرعي.

والتأويل في كلام أبي عبيد - رحمه الله تعالى - الذي يظهر أنه صالح لأنْ يكون بمعنى «التفسير»، ولأن يكون بمعنى «الحقيقة»،


(١) «غريب الحديث» للقاسم بن سلام ٤/ ٧٧، و «النهاية في غريب الحديث» ٣/ ٥٤.
(٢) «المغني» ٢/ ٢٩٦، و «فتح الباري» لابن رجب ٢/ ٣٩٧.

<<  <   >  >>