للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه المقدسة وما قام به من الصفات، وهذا باعتبار المعنى الثالث من معاني التأويل؛ وهو: «الحقيقة».

فقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)[طه]؛ هو نفسه تعالى وما قام به من الاستواء على العرش، وتأويل قوله: ﴿إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)[النساء]؛ هو نفسه المقدسة وما قام به من السمع والبصر، وهكذا القول في سائر نصوص الصفات؛ كقوله : «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا» (١) الحديثَ.

وهذا النوع من التأويل؛ هو الذي لا يعلمه إلا الله تعالى كما سبق (٢) وكما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.

وهكذا تأويل نصوص الوعد والوعيد، ونصوص البعث وما يكون يوم القيامة؛ هو نفس ما يكون من الوعد والوعيد يوم القيامة في الخارج، فتأويل قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِنْ كُلِّ بَاب (٢٣)[الرعد]، وقوله سبحانه: ﴿وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِين (١٤) عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَة (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِين (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُون (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَّعِين (١٨)[الواقعة] الآيات، تأويلها؛ هو نفس الموجود وما يكون من ذلك، فمن هذه الأمور ما يكون موجوداً الآن؛ كالجنة، ولكن دخول المؤمنين الجنة بحيث يجلسون على تلك السرر، ويتكؤون عليها، ويطوف عليهم الولدان؛ يكون يوم القيامة.


(١) تقدم في ص ٧٣.
(٢) ص ٣٥٣.

<<  <   >  >>