للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (نعمل بمحكمه، ونؤمن بمتشابهه) هذا هو الواجب في المحكم والمتشابه، وقد تقدم (١) أن من الأقوال في المحكم والمتشابه: أن المحكم؛ هو الناسخ، والمتشابه؛ هو المنسوخ، فالواجبُ في الناسخِ: الإيمانُ به، والعمل به، والواجبُ في المنسوخِ: الإيمانُ به، ولا يعمل به؛ لأنه قد نُسخ، فذُكر في كل من الأمرين ما هو أخص به، فالمحكم؛ أخص بالعمل، والمتشابه؛ أخص بالإيمان، وإلا فالإيمان يجب في الكل: في المحكم والمتشابه من القرآن، والسنة.

قوله: (لأن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فيه ألفاظ متشابهة تشبه معانيها ما نعلمه في الدنيا؛ كما أخبر أن في الجنة … ) إلخ، وهذا قد تقدم في «المَثَل الأول» (٢).

قوله: (وهذا يشبه ما في الدنيا لفظاً ومعنى) التشابه في اللفظ واضحٌ، وأما التشابه في المعنى من بعض الوجوه؛ فهو القدر المشترك، فإذا قرأ العربي النصوص التي فيها ذكر: الماء، والعسل، والخمر، واللبن في الجنة؛ يعرف أن هذه أشربةٌ، وليست أموراً أخرى؛ بل هي أسماء لمسميات معقولة مفهومة، وإذا قرأ النصوص التي فيها ذكر: الذهب، والحرير عرف أن هذه أنواع من اللباس، وهكذا.

وقد تقدم في المثل الأول - أيضاً - التأكيد على أن بين موجودات الدنيا، وموجودات الآخرة: قدر مشترك معنوي (٣)، وأن المشابهة ليست


(١) ص ٣٦٠.
(٢) ص ٢٢٥.
(٣) ص ٢٢٦.

<<  <   >  >>