للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبر فيه أن لله مِنْ الأسماء ما استأثر به في علم الغيب عنده، فمعاني هذه الأسماء التي استأثر الله بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره.

الشاهد من هذين الأثرين (١) قوله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول) أي: أن معنى الاستواء معلوم لنا؛ لأن الله تعالى خاطبنا بلسان عربي مبين، ومعناه - كما تقدم (٢) -: الاستقرار، والارتفاع، والعلو، ونحو ذلك.

وأما الكيف فهو مجهول؛ وهو: التأويل الذي لا نعلمه، فصار قول الأئمة هنا؛ كمالك وربيعة رحمهما الله تعالى شاهداً للقاعدة: «أنا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه»، فالاستواء معلوم لنا من وجه دون وجه، فقوله تعالى: (﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾) له تأويل نعلمه؛ وهو: «التفسير»، وتأويل لا نعلمه؛ وهو: «كيفية هذا الاستواء وحقيقته»، لأن الاستواء صفة فعلية من صفات الله تعالى، و «القول في الصفات كالقول في الذات»، فكما أنه لا يعلم كيف هو إلا هو، فلا يَعلم كيفيةَ استوائه إلا هو تعالى.


(١) تقدم تخريجهما في ص ٩٣.
(٢) ص ٣٣٦.

<<  <   >  >>