للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: («لا أحصي») أي: لا أبلغ ولا أقدر على ما تستحق من الثناء؛ لأن الرسول لا يعلم كلَّ ما لله تعالى من المحامد، ولا يدرك مدى وكمال صفاته على ما هي عليه، فلله مِنَ المحامد وصفات الكمال؛ ما لا يعلمه أحدٌ حتى الرسول ، ولهذا إذا جاء يوم القيامة ليشفع؛ يسجد، ويفتح الله عليه من محامده، وحسن الثناء عليه، شيئاً لم يفتحه على أحد قبله (١).

فهذا الحديث يدل على أننا لا ندرك حقائق صفات الله تعالى وكمالها، كما أننا لا نعلم كلَّ ما لله من الأسماء ومن الصفات، فله أسماء وصفات لم يطلعنا عليها، أما الصفات التي أخبرنا بها؛ فنحن نعلمها، ولكننا - أيضاً - لا ندرك كمالها، وكنهها، وحقائقها.

ومن الدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد، وابن حبان، وغيرهما عن ابن مسعود أن النبي قال: «ما قال عبدٌ قط إذا أصابه هم أوحزن … » الحديثَ، وفي آخره: («أسألك بكلِّ اسم هو لك … ») الحديثَ (٢)، والشاهد من هذا: قوله: («أو استأثرت به في علم الغيب عندك») فهذا نصٌ في أن لله تعالى أسماء اختص بعلمها وطوى علمها عن العباد، وهذا الحديث يدل على أن لله تعالى أسماء كثيرة، وكل اسم متضمن لصفة كمال، وفي هذا الحديث توسل بأسماء الله تعالى.


(١) تقدم تخريجه في ص ٣٩.
(٢) رواه أحمد ١/ ٣٩١، وصححه ابن حبان (٩٧٢)، والحاكم ١/ ٥٠٩، وابن القيم في «الصواعق المرسلة» ٣/ ٩١٣، وحسنه ابن حجر؛ كما في «الفتوحات الربانية» ٤/ ١٣، وقال الدارقطني في «العلل» ٥/ ٢٠٠: «إسناد ليس بالقوي».

<<  <   >  >>