للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الحديث أن أسماء الله تعالى لا تنحصر في تسعة وتسعين، كما قد يتوهم ذلك بعض الناس من قوله : «إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة» (١)، فالتحقيق أن هذا الحديث لا يدل على حصر الأسماء في هذا العدد (٢)، لكن فيه الإخبار عن بعض أسماء الله تعالى، وأن من أسماء الله تسعة وتسعين من شأنها، ومن فضلها أن من أحصاها دخل الجنة.

وهذا الأسلوب لا يدل على الحصر، كما إذا قيل: «إن لله اسماً إذا دُعي به أجاب»؛ فإنه لا يدل على أنه ليس له إلا هذا الاسم، فالله تعالى له أسماء كثيرة سمى بها نفسه، فمنها ما أنزله فيما شاء من كتبه، ومنها ما علمه بعض عباده، ومنها ما اختص به واستأثر به في علم الغيب عنده، ولا تنحصر الأسماء التي في كتبه، أو أنزلها في القرآن، أو علمها لمن شاء؛ في تسعة وتسعين، والحديث لا يدل على الحصر.

وخبر «إنَّ» في الحديث؛ هو قوله : «مَنْ أحصاها دخل الجنة»، وعلى هذا يكون قوله: «لله» - الجار والمجرور - حالاً من هذه الأسماء.


(١) رواه البخاري (٢٧٣٦)، ومسلم (٢٦٧٧) من حديث أبي هريرة .
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والصواب الذي عليه جمهور العلماء … ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون اسماً؛ فإنه في الحديث الآخر … قال: «أو استأثرت به في علم الغيب عندك» … وثبت أن النبي كان يقول … «لا أحصي ثناء عليك» فأخبر أنه لا يحصي ثناء عليه، ولو أحصى جميع أسمائه؛ لأحصى صفاته كلها، فكان يحصي الثناء عليه؛ لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه». «درء تعارض العقل والنقل» ٢/ ٣٣٢، باختصار، وانظر: «بدائع الفوائد» ١/ ٢٩٣، و «فتح الباري» لابن حجر ١١/ ٢٢٠.

<<  <   >  >>