للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا «الحاشر»، و «العاقب»؛ فقد أشار النبي إلى معناها بقوله: «الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي»، وهذا هو الحشر يوم القيامة، والرسول يقول: «بُعِثتُ أنا والساعةَ؛ كهاتين» قال: «وضمَّ السبابةَ، والوسطى» (١)، فالحاشرُ؛ هو النبي الخاتَم الذي ليس بعده إلا الساعة، وحشر الناس.

و «الماحي»؛ هو: الذي محا الله به الكفر، وليس المراد بمحو الكفر هنا إزالة جميع الكفر عن وجه الأرض،؛ بل المراد: أن الله تعالى محا به من الكفر ما لم يمحُ بدعوة نبي سواه، وهذا يظهر بكثرة الأتباع.

وأمَّا «العاقب»؛ فهو: الذي يأتي بعد غيره، والرسول جاء بعد الأنبياء، فهو المقفي والعاقب لجميع النبيين؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: ١٤٤] أي: قد مضت من قبله جميع الرسل، فلا نبي بعده، وهو خاتَم النبيين، وأما ما جاء في ذكر المسيح: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [المائدة: ٧٥]؛ فلا يفهم على الإطلاق؛ بل بعده رسولٌ لم يأتِ، كما قال الله تعالى عنه: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦]، فمعنى الآية حينئذٍ: ما المسيحُ ابنُ مريمَ إلا رسولٌ قد خلت مِنْ قبله أكثرُ ومعظمُ الرسلِ، لا جميع الرسل، والله أعلم.


(١) رواه البخاري (٦٥٠٤)، ومسلم (٢٩٥١) - واللفظ له - من حديث أنس .

<<  <   >  >>