للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الدليل على الإحكام الخاص والتشابه الخاص؛ فآية آل عمران المتقدمة في مطلع القاعدة؛ وهي قوله سبحانه: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ [آل عمران: ٧].

قوله: (فينبغي أن يُعرف الإحكام والتشابه الذي يعمه، والإحكام والتشابه الذي يخص بعضه) هذا لأنه لا يجوز أن يكون المعنى واحداً، لأنه لو كان المعنى واحداً؛ لصار فيه تناقض، ولهذا يقال: إنَّ بيْنَ دليلِ الإحكام العام والتشابه العام، ودليل الإحكام الخاص والتشابه الخاص؛ تعارضٌ في الظاهر.

ووجه هذا التعارض: أن بعض هذه الأدلة تدل على أن بعض القرآن محكم وبعضه متشابه، وبعضها يدل على أن القرآن كلَّه محكم وكلَّه متشابه؛ فتعارضت هذه الأدلة في الظاهر من حيث العموم والخصوص.

والطريق لدفع هذا التعارض؛ هو معرفة المراد بالإحكام والتشابه الذي يعمه، والإحكام والتشابه الذي يخص بعضه.

قوله: (والحكم هو الفصل بين الشيئين … ) فتصاريف مادة «حَكَمَ» ترجع إلى معنى: «المنع»، ف «حَكَمَ» بمعنى: «مَنَعَ» في أصل اللغة (١)، وذكر الشيخ شواهد لهذا المعنى بقول العرب: (حكمت السفيه وأحكمته؛ إذا أخذت على يده)، و (حكمت الدابة، وأحكمتها إذا جعلت لها حَكَمَة؛ وهو: ما أحاط بالحنك من اللجام)؛ وهو ما يوضع على فم


(١) «معجم مقاييس اللغة» ٢/ ٩١.

<<  <   >  >>