للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وآخرون توهموا أنه إذا قيل: «الموجودات تشترك في مسمى الوجود»، لزم التشبيه، والتركيب، فقالوا: «لفظ الوجود مقول بالاشتراك اللفظي»، فخالفوا ما اتفق عليه العقلاء، مع اختلاف أصنافهم مِنْ أن الوجود ينقسم إلى: قديم، ومحدث، ونحو ذلك من أقسام الموجودات.

وطائفة ظنت أنه إذا كانت الموجودات تشترك في مسمى الوجود؛ لزم أن يكون في الخارج عن الأذهان موجودٌ مشترك فيه، وزعموا أن في الخارج عن الأذهان: كليات مطلقة؛ مثل: وجود مطلق، وحيوان مطلق، وجسم مطلق، ونحو ذلك؛ فخالفوا الحس، والعقل، والشرع، وجعلوا ما في الأذهان ثابتاً في الأعيان، وهذا كله من أنواع الاشتباه.

قوله: (وآخرون توهموا … ) هذا مثال آخر لمن ضلَّ بسبب التشابه بين الموجودات في مطلق الوجود، وهؤلاء هم الذين تقدم ذكر مذهبهم (١)؛ وهم: المعطلة نفاة الصفات الذين ينفون الصفات زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه؛، وهم: الجهمية، والمعتزلة، وكذلك الفلاسفة؛ الذين ينفون الصفات بحجة أن إثباتها يستلزم التركيب، فلهم هاتان الشبهتان: شبهة التشبيه، وشبهة التركيب.


(١) ص ١٨٥، ١٨٨، ٢٠٣.

<<  <   >  >>