للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المقولة باطلةٌ؛ فليس في الخارج وجود مطلق، فكل ما في الخارج؛ فهو مُعَيَّنٌ جزئي ليس بمشترك، وكلُّ شيءٍ مستقلٌ بوجوده عن غيره (١).

إذاً؛ فالاشتراك بين الموجودات، أو الحيوانات، أو بين الأجسام، أو بين أفراد الناس؛ إنما هو في أمر ذهني، لا في أمر موجود في الخارج.

قوله: (فخالفوا الحس، والعقل، والشرع) أي: أن قولَهم هذا مخالفٌ للحس؛ فإنه معلومٌ بالحسِ: أنَّ ما في الخارج؛ إنما هو جزئي، فليس هناك شيء مشترك يُرى أو يلمس، وإنما الذي يدرك بالحس؛ هو: أمور معينة.

وخالف أيضاً: العقلَ؛ فإن من المعلوم بداهة: أن المعنى الكلي لا يكون إلا في الذهن، وقد تقدم ذكر هذا المعنى عن الفلاسفة، وأنهم قالوا عن الله: «إنه الوجود المطلق بشرط الإطلاق» (٢)، وقد علم بصريح العقل: أن هذا لا يوجد إلا في الذهن، لا فيما خرج عنه من الموجودات.

وخالف قولُهم هذا أيضاً: الشرعَ؛ فإن الشرع قد جاء بأحكام، وإن كانت قد جاءت بصيغ عامة؛ فإن هذه النصوص العامة إنما تتعلق بالأعيان والأفراد، فهي عامة ولكن واقعها إنما ينطبق على الأفراد.


(١) «الرد على المنطقيين» ص ٣٦٣، و «درء التعارض» ١/ ٢٨٦ و ٥/ ١٧٠، و «منهاج السنة» ٢/ ١٨٩ و ٣/ ٣٠٢، و «شرح الأصبهانية» ص ٥١١، و «مجموع الفتاوى» ٥/ ٢٠٣.
(٢) ص ١٣٨.

<<  <   >  >>