يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ [المدثر: ٣١]، وهذا من تأويل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
بخلاف الملِك مِنَ البشر إذا قال:«قد أمرنا لك بعطاء»؛ فقد عُلم أنه هو، وأعوانه - مثل: كاتبِه، وحاجبه، وخادمه، ونحو ذلك - أمروا به، وقد يُعلم ما صدر عنه ذلك الفعل من اعتقاداته، وإراداته، ونحو ذلك.
والله ﷾ لا يَعلمُ عبادُه الحقائقَ التي أخبر عنها من صفاته، وصفات اليوم الآخر، ولا يعلمون حقائقَ ما أراد بخلقه وأمره من الحكمة، ولا حقائق ما صدرت عنه من المشيئة والقدرة.
أي: أن مَنْ أنعم الله عليه بالهدى؛ فرَّق بين الأمور وإن اشتبهت مِنْ بعض الوجوه؛ لأنه يدرك ما بينها من الفَرْق والجمع، خلاف مَنْ تقدم ذكرهم، من فرق الضلال من: الاتحادية، والجهمية، والفلاسفة.
قوله:(وهؤلاء لا يَضِلون بالمتشابه من الكلام … ) أي: وهؤلاء المهديون لا يضلون بالمتشابه من الكلام، وهذا هو المقصود؛ لأنَّ موضوعَ الكلامِ: الآياتُ المتشابهات؛ وهي: من الكلام المتشابه.
قوله:(لأنهم يجمعون بينه وبين المحكم) أي: يجمعون بين المحكم والمتشابه؛ فيردون المتشابه إلى المحكم، وهذا هو منشأ الهداية، ففي القرآن متشابهٌ، وفي السنة أحاديثُ متشابهةٌ، وفي كلام الناس متشابه، فإذا