للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فريق جَفَوْا - وهم الأكثرون -؛ فكذَّبوه، أو قصَّروا في متابعته فيما جاء به، فهؤلاء فرَّطُوا في حقه .

وفريق من الناس غلوا فيه؛ فرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله فيها، ولا شك أنه سيد ولد آدم، وأنه خاتم النبيين، وأنه سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، لكن من الجاهلين من غلا حتى جعل له شيئاً من خصائص الإلهية، والربوبية؛ كالذي يقول:

يا أكرمَ الخلقِ ما ليْ مَنْ ألوذُ به … سِواكَ عندَ حلولِ الحادثِ العَمَمِ

وقال:

فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدُّنيا وضَرَّتَها … ومِن علومِك علمَ اللوحِ والقلمِ

وقال:

إن لم يكنْ في معاديْ آخذاً بيدِي … فضلاً، وإلا فقل: يا زلةَ القَدمِ (١)

وأقوالُ أهل الغلو كثيرة، فمَن نسب للرسول شيئاً من خصائص الربوبية؛ كتدبيره للعالَم، أو القدرة على كلِّ شيء، أو نسب إليه مغفرة الذنوب والنجاة من النار؛ فقد غلا فيه.


(١) الأبيات للبوصيري من قصيدة «البردة»، «شرح البردة البوصيرية» ٢/ ٧٥٦ و ٧٧٤ و ٧٨٠.

<<  <   >  >>