كل مكتوب، فحصل التمييز بالتعريف، وإذا قلت:«يجب التمسك بكتابِ الله»؛ حصل التمييز بالإضافة.
قوله:(كما إذا قيل: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَّاء﴾ [محمد: ١٥] فهنا قد خص هذا الماء بالجنة) فكلمة «ماء» لفظ متواطئ، ولكنه غير مطلق؛ بل مضاف إلى الجنة بالإسناد؛ لقوله: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾، فعلم بهذه الإضافة أن هذا الماءَ ليس كمائنا في الدنيا، وهكذا اللبن، والعسل، والخمر، وإن اتفقت في الاسم، والمعنى العام الكلي.
قوله:(لكن حقيقة ما امتاز به ذلك الماء غير معلوم لنا، وهو - مع ما أعد الله لعباده الصالحين، ممَّا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر - مِنْ التأويل الذي لا يعلمه إلا الله) وهذا قد سبق غير مَرة (١) أن نصوص الوعد لها تأويل نعلمه، ولها تأويل لا نعلمه، فتفسيرها معلوم لنا، فنعلم أن هذه من أصناف النعيم، وأنها: أشربة، وأخرى مأكولات، وأخرى مساكن، ونعرف أنها أمور عظيمة معرفة إجمالية، ولكن لا نتصور حقائقها، فلا يعلم حقائقها إلا الله تعالى، وسيعلم المؤمنون حقائقها حين يرونها، ويباشرونها إذا دخلوا الجنة.
قوله:(وكذلك مدلول أسمائه وصفاته التي يختص بها، التي هي حقيقته؛ لا يعلمها إلا هو) وهذا هو المقصود؛ وهو: أن نتوصل إلى القول في أسماء الله تعالى وصفاته، فأسماؤه وصفاتُه مدلولها ومعناها؛