فالنافي لأسماء الله وصفاته إن اعتمد في نفيه على مجرد نفي التشبيه، أي: أنه يزعم أن إثباتها تشبيه، فيقال له: إن أردت أن إثبات الصفات لله تعالى يلزم منه تشابه الخالق والمخلوق من جميع الوجوه - أي: التمثيل -؛ فهذا ليس بصحيح؛ بل هو باطل، ولم يقل بذلك أحد.
وإن أردت بالتشبيه: المشابهة من وجه دون وجه، أو المشاركة في الاسم؛ فإن هذا المعنى لا يصح نفيه، وليس مِنَ التشبيه المنفي عن الله تعالى؛ بل إن هذا المعنى لازمٌ لهذا النافي فيما يثبته، ولو لم يثبت إلا صفة الوجود، فيقال له: إنه يلزم إثبات قدر مشترك بين وجود الخالق، ووجود المخلوق؛ وهو: مطلق الوجود.
والتشبيه والتمثيل الذي قام الدليل العقلي والسمعي على نفيه؛ هو: مشاركة المخلوق للخالق فيما يختص به، مما يختص ب: وجوبه، أو جوازه، أو امتناعه؛ فهذا هو الممتنع بضرورة العقل؛ لأنه يستلزم الجمع بين النقيضين، ولا يلزم من نفي هذا المعنى نفي المشابهة من بعض الوجوه؛ لأنه ما من شيئين إلا وبينهما تشابه من وجه.
ومن اعتقد أن التشابه من بعض الوجوه يلزم منه التماثل؛ فإنه يلزم على هذا أن يقول: إن السوادَ مِثْلُ البياضِ، والماءَ مِثلُ النار، والطعامَ مثلُ التراب.
فالحقُ أن المشابهة والاتفاق في بعض الوجوه؛ لا يلزم منه التماثل.