للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: أن التمثيل أخص من التشبيه، فالتمثيل يراد به: «مطابقة الشيء للشيء في الأمر الذي ماثله فيه، ومساواته له»، أما التشبيه؛ فإنه أعم من التمثيل؛ لأن من التشبيه المشابهة من بعض الوجوه دون بعض.

الجهة الثانية: أن النصوص وردت بنفي المماثلة، ولفظ التمثيل؛ كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وقال تعالى: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثَالَ﴾ [النحل: ٧٤]، ولم يرد في شيء من النصوص نفي المشابهة (١).

وإن كان في الاستعمال الدارج عدم التفريق بينهما؛ فيقال: «هذا تشبيه، وتمثيل».

ويذكر الشيخ شبهةً للمعتزلة في نفيهم الصفات، وجعلهم من أثبتها مُمَثِّلاً، ذلك أنه لما كان (القِدَم) عند جمهورهم أخص وصف (الإله)؛ فمن أثبت لله تعالى صفة قديمة؛ ك «العلم»، و «القدرة»؛ جعلوه مشبهاً ممثلاً؛ لأن هذا الإثبات - على زعمهم - يستلزم تعدد القدماء، المستلزم تعدد النظراء والأمثال والأشباه، أي: تعدد الآلهة.

فكلامهم مبني على مقدمتين:

الأولى: أن (القِدَم) أخص أوصاف (الإله).

والثانية: أن إثبات الصفات القديمة؛ يلزم عليه إثباتُ مِثْلٍ لله في أخص أوصافه؛ وهو: القِدم؛ فيلزم عليه - عندهم - تعدد القدماء، وتعدد الآلهة (٢).


(١) «الجواب الصحيح» ٢/ ٢٦٧، و «مناظرة الواسطية» ص ١٦٦، و «بيان تلبيس الجهمية» ٢/ ٥١٢ و ٣/ ١٣٤، و «منهاج السنة» ٢/ ٥٢٧.
(٢) «الرد على الجهمية والزنادقة» ص ١٤٠، و «شرح الأصبهانية» ص ٧٦ و ١١٢، و «درء التعارض» ٥/ ٤٦.

<<  <   >  >>