ولكنهم وقعوا في التناقض، حيث زعموا أن إثبات بعض الصفات لا يستلزم التجسيم، وإثبات بعضها الآخر يستلزم التجسيم، فما يثبتونه من الصفات؛ ك «العلم»، و «القدرة»، و «السمع»، و «البصر»؛ لا يستلزم التجسيم، وما لا يثبتونه من الصفات؛ ك «العلو»، و «الاستواء»، و «الغضب»، و «النزول»؛ يستلزم التجسيم، والأجسام متماثلة؛ فيلزم من ذلك التشبيه؛ فيجب نفيها عن الله تعالى بزعمهم.
وهذا التفريقُ مِنهم تحكُّمٌ وتناقض؛ لأنه تفريق بين المتماثلات، وليس عليه دليل سمعي، ولا عقلي.
والحقُ أن ضابطهم في ذلك - الذي أدى بهم إلى التناقض -: أنَّ ما دلتهم عقولهم على إثباته؛ لا يستلزم الجسمية، وما لم تدلهم عقولهم على إثباته، أو دلتهم على نفيه؛ نفوه، وزعموا أن إثباته يستلزم الجسمية، ولو جاءت به النصوص الشرعية!