للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - وتضمنت هذه الخطبة - أيضاً - أصلاً من أصول الإيمان؛ وهو: «الإيمان بالقدر خيره وشره»، وهذا مستفاد ممّا تضمن «توحيد الربوبية»؛ فقوله: «من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له»، وكذلك «الاستعانة به»، و «الالتجاء إليه»، و «التعوذ»؛ كلُّ ذلك يتضمن: الإيمان بالقدر خيره وشره، وذلك أن «توحيد الربوبية»، يتضمن: إثبات القدر.

ولهذا كانت الآياتُ المتضمنةُ لأصول الإيمان؛ مشتملةً على خمسة من أصول الإيمان؛ وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر؛ كقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾ [١٧٧]، وقوله تعالى في سورة النساء: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا (١٣٦)[١٣٦].

ولم يُذكر فيها الأصل السادس؛ وهو: الإيمان بالقدر خيره وشره؛ لأنه يتضمنه الأصل الأول؛ وهو: الإيمان بالله تعالى؛ فإن الإيمان بالله تعالى: رباً وإلهاً، والإيمان بكمال ربوبيته وملكه؛ يتضمن: أن الله على كل شيء قدير، وأن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه الخالق لكل شيء؛ وهذا هو تحقيق الإيمان بالقدر؛ فإن الإيمان بالقدر يتضمن المراتب الأربع المعروفة، ومنها: «عموم المشيئة»، و «عموم الخلق».

<<  <   >  >>