وأيضاً، فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه؛ اعتماد باطل، وذلك أنه إذا ثبت تماثل الأجسام؛ فهم لا ينفون ذلك إلا بالحجة التي ينفون بها الجسم، وإذا ثبت أن هذا يستلزم الجسم، وثبت امتناع الجسم؛ كان هذا وحده كافياً في نفي ذلك، لا يحتاج نفي ذلك إلى نفي مسمى «التشبيه».
لكن نفي الجسم يكون مبنياً على نفي هذا التشبيه، بأن يقال:«لو ثبت له كذا وكذا؛ لكان جسماً»، ثم يقال:«والأجسام متماثلة، فيجب اشتراكها فيما يجب، ويجوز، ويمتنع، وهذا ممتنع عليه». لكن حينئذٍ يكون مَنْ سلك هذا المسلك معتمداً في نفي التشبيه على نفي التجسيم؛ فيكون أصلُ نفيه؛ نفيَ الجسم، وهذا مسلك آخر سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.
هذا بيان من الشيخ لوجه آخر من فساد منهج الاستدلال عند النفاة على نفيهم الصفات، فهو يقول: إنه ما دام أنه مِنْ المتقرر عندكم نفي التجسيم بناء على أن الأجسام متماثلة؛ فيكفي أن تنفوا الصفات لاستلزامها التجسيم - في زعمكم -، ولا حاجة إلى أن تنفوا الصفات لاستلزامها التشبيه، والأجسام متماثلة، فهذا تطويل لا حاجة له.