والقدرُ المشترك مطلق كلي لا يختص بأحدهما دون الآخر، فلم يقع بينهما اشتراك؛ لا فيما يختص بالممكن المحدَث، ولا فيما يختص بالواجب القديم؛ فإن ما يختص به أحدهما يمتنع اشتراكهما فيه.
فإذا كان القدر المشترك الذي اشتركا فيه صفة كمال؛ كالوجود، والحياة، والعلم، والقدرة، ولم يكن في ذلك ما يدل على شيء من خصائص المخلوقين، كما لا يدل على شيء من خصائص الخالق؛ لم يكن في إثبات هذا محذور أصلاً؛ بل إثبات هذا من لوازم الوجود، فكل موجودَينِ لا بد بينهما مِنْ مثل هذا، ومَن نفى هذا؛ لزمه تعطيلُ وجودِ كلِّ موجود.
ولهذا لما اطَّلع الأئمة على أن هذا حقيقة قول الجهمية؛ سموهم «معطِّلة»، وكان جَهمٌ ينكر أن يُسمَّى الله «شيئاً»، وربما قالت الجهمية:«هو شيء لا كالأشياء»، فإذا نفى القدر المشترك مطلقاً؛ لزم التعطيل التام.
تقدم أنه لا بد من إثبات قدر مشترك بين ما يضاف للخالق وما يضاف للمخلوق، وهذا القدر المشترك هو: مسمى الاسم المطلق (١).