فتقول - مثلاً -: أريد أن أفعل شيئاً، فهذا الشيء المذكور موجود في الذهن، وليس موجوداً في الخارج.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَّذْكُورًا (١)﴾ [الإنسان]، وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩)﴾ [مريم] أي: قبل الخلق. فوجوده في العلم؛ بل وفي الرسم أيضاً؛ لأنه مكتوب، وإن كان غير موجود في الخارج حينذاك، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون (٤٠)﴾ [النحل]، فهذا الشيء ليس موجوداً في الخارج؛ لأنه يمتنع إيجاد الموجود، فهذا في الإثبات، والأول في النفي.
وأما المسألة الرابعة؛ وهي: الكلام في الأحوال إثباتاً ونفياً (١)، والمراد بالأحوال: النسبة بين الصفة والموصوف، مثل: قيام وقائم، فالصفة القيام، والموصوف القائم، والنسبة هي: نسبة القيام إلى القائم، وبعضهم يعبر عن ذلك ب: كون الشيء قائماً، أو كونه عالماً، أو كونه قادراً، ونحو ذلك.
فهذه النسبة ليست شيئاً زائداً موجوداً في الخارج، وإنما توجد الصفة والموصوف الذي قامت به تلك الصفة، فالنسبة، أي: نسبة الصفة للموصوف، وقيام الصفة بالموصوف وكون الشيء موصوفاً بالصفة؛ معنى ذهني عقلي، وهو النسبة والإسناد والإضافة، فليس هناك شيء ثالث في الخارج زائد عن الصفة والموصوف.
(١) «شرح حديث النزول» ٩٢، و «درء التعارض» ٥/ ٣٥ و ٩/ ٣٩٥، وانظر: ص ٦٢٥، حاشية رقم (١).