للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد أن بيَّن الشيخ فساد الاعتماد في التنزيه على مجرد نفي التشبيه، ذكر هنا طريقة أخرى أفسد مِنْ سابقتها؛ وهي: الاعتماد في تنزيه الله تعالى عمَّا يجب تنزيهه عنه ممَّا هو من أعظم الكفر على نفي التجسيم والتحيز، وهذه الطريقة يسلكها نفاة الصفات أو بعضها مِنْ المعتزلة والأشاعرة.

فإذا أراد أولئك تنزيه الله تعالى عن صفات النقص؛ ك «الحزن»، و «البكاء»، و «المرض»، و «الولد»، و «البخل»، و «الفقر»، ونحو ذلك - ممَّا يصفه به أعداء الله تعالى من اليهود وغيرهم -، فإذا أراد هؤلاء المتكلمون نفاة الصفات أو بعضها تنزيه الله تعالى عن هذه الصفات ونحوها، التي يعد القول بها من أعظم الكفر والرد على اليهود ونحوهم في ذلك، فإنهم ينفونها بحجة أن إثباتها مستلزم للتجسيم والتحيز، وهذا ممتنع على الله.

والشيخ هنا يبين أن الاعتماد في تنزيه الله تعالى عن هذه النقائص التي يصفه بها الكفار على حجة استلزامها للتجسيم، أن هذه الطريقة فاسدة لا يحصل بها المقصود من إبطال الباطل؛ بل إن سلوكها من قِبَل المعتزلة، والأشاعرة؛ سبَّب أن تسلط عليهم الملاحدة من نفاة الأسماء والصفات؛ كالجهمية، والباطنية، والفلاسفة.

فإنهم يقولون: إنكم إذا نفيتم ما نفيتم من الصفات بحجة استلزامها للتجسيم، ورددتم على اليهود الذين وصفوا الله تعالى بالنقائص

<<  <   >  >>