أحدها: أن وَصْف الله تعالى بهذه النقائص والآفات؛ أظهر فساداً في العقل والدين من نفي التحيز والتجسيم، فإن هذا فيه مِنْ: الاشتباه، والنِّزاع، والخفاء ما ليس في ذلك، وكُفْرُ صاحبِ ذلك؛ معلوم بالضرورة من دين الإسلام.
والدليلُ مُعرِّف للمدلول، ومبيِّن له، فلا يجوز أن يُستدل على الأظهرِ الأبين بالأخفى، كما لا يُفعل مثل ذلك في الحدود.
الوجه الأول من وجوه بيان فساد طريقة المتكلمين في نفي النقائص عن الله تعالى بنفي التجسيم والتحيز؛ أن يقال:
إن تنزيه الله تعالى عن هذه النقائص والآفات؛ كالحزن، والبكاء، والمرض؛ أظهر في العقل والدين من نفي الجسم والحيز عن الله تعالى؛ فإن نفي التحيز والتجسيم فيه مِنْ: الخفاء، والنزاع، والاشتباه ما ليس في الأول، فليس في المسلمين مَنْ يُنازِع في نفي الحزن، والبكاء، والمرض، ونحو ذلك عن الله تعالى؛ لأن كفرَ مَنْ وَصْف الله تعالى بذلك؛ معلوم بالضرورة من دين الإسلام؛ بخلاف التجسيم - مثلاً - ففيه نزاع، وخفاء، واشتباه، فهناك من أثبته؛ كالكرَّامية (١)، وهناك من استفصل في معناه، وهم أهل السنة، وهكذا.
(١) نسبة إلى محمد بن كرَّام السجستاني، وسيأتي حديث للمؤلف عنهم في ص ٦٢٨، وترجمته هناك.