يذكر الشيخ هنا الضابط الثاني الذي سبق أن أشار إليه في مطلع «القاعدة»(١)؛ وهو: أنه لا يصح الاعتماد في إثبات الصفات لله تعالى على مجرد نفي التشبيه.
ومعناه عند من يقول به: أنَّ كلَّ ما ليس فيه تشبيه؛ يجوز إثباته لله تعالى.
ووجه فساده: أنه لو قيل بذلك؛ للزم منه؛ أنه يجوز - عقلاً - أن يوصف الله تعالى بما لا يحصى من الأعضاء والأفعال من غير تشبيه.
كما لو قال مفترٍ على الله:«إنه تعالى يأكل ويشرب، ويجوع ويعطش، ويبكي ويحزن، - ونحو ذلك ممَّا هو ممتنع عليه تعالى - مع نفي التشبيه»، أي: مع نفي مشابهة هذه الصفات لصفات الخلق.
ويجعل ذلك مثل وصف أهل الحق لله تعالى بصفات الكمال مع نفي التمثيل، حين يقولون - مثلاً -: (إنه يضحك لا كضحكهم، ويفرح لا كفرحهم، ويتكلم لا ككلامهم).
وكذلك يثبتُ المفتري على الله: أعضاء لله تعالى ممتنعة عليه، فيصفه بها مع نفي التشبيه، ويجعلها مثلَ وصفه تعالى بأنه:(له وجهٌ لا كوجوه الخلق، ويدان لا كأيديهم).
(١) في قوله: «إذ الاعتماد في هذا الباب على … مطلق الإثبات من غير تشبيه؛ ليس بسديد». ص ٤٦٢.