للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطرقُ العلمِ بنفي ما ينزَّه الرب عنه متسعةٌ، لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم، كما فعله أهل القصور والتقصير، الذين تناقضوا في ذلك، وفرَّقوا بين المتماثلينِ، حتى إن كل من أثبت شيئاً احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبيه.

وكذلك احتج القرامطة على نفي جميع الأمور حتى نفوا النفي، فقالوا: «لا يقال: موجود، ولا ليس بموجود، ولا حي، ولا ليس بحي، لأن ذلك تشبيه بالموجود، أو المعدوم»؛ فلزمهم نفي النقيضين، وهو أظهر الأشياء امتناعاً.

ثم إن هؤلاء يلزمهم من تشبيهه بالمعدومات، والممتنعات، والجمادات؛ أعظم ممَّا فروا منه من التشبيه بالأحياء الكاملينَ.

فطرق تنزيهه وتقديسه عمَّا هو منزه عنه متسعة لا تحتاج إلى هذا.

يبين الشيخ فساد طريقة مَنْ اعتمد في نفي ما يتنزه الله تعالى عنه على مجرد نفي التشبيه والتجسيم، حيث آلت بهم هذه الطريقة إلى التناقض في التفريق بين المتماثلات كما سبق.

ومن أدلة فساد هذه الطريقة أن كلَّ من أثبت شيئاً؛ احتج عليه من نفاه بنفس الحجة؛ وهي: أن إثباته يستلزم التشبيه، والتجسيم.

<<  <   >  >>