الوجه السابع: أن يقال: مجرد سلب هذه الصفات؛ نقصٌ لذاته، سواء سميت عمى وصمماً وبَكماً، أو لم تسم، والعلم بذلك ضروري، فإنا إذا قدرنا موجودَين، أحدهما يسمع، ويبصر، ويتكلم، والآخَر ليس كذلك؛ كان الأول أكمل من الثاني.
ولهذا عاب الله سبحانه مَنْ عبد ما تنتفي فيه هذه الصفات، فقال تعالى عن إبراهيم الخليل: ﴿يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢)﴾ [مريم]، وقال أيضاً في قصته: ﴿فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُون (٦٣)﴾ [الأنبياء]، وقال تعالى عنه: ﴿هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُون (٧٢) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّون (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُون (٧٤) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَا كُنتُمْ تَعْبُدُون (٧٥) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُون (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِين (٧٧)﴾ [الشعراء].
وكذلك في قصة موسى في العجل: ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِين (١٤٨)﴾ [الأعراف]، وقال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (٧٦)﴾ [النحل]، فقابل بين الأبكم العاجز، وبين الآمر بالعدل الذي هو على صراط مستقيم.