للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكلُّ الرسل دعوا للتوحيد، وحذروا من الشرك، ولم يُشرعِ الشركُ في أيِّ رسالة.

وأما ما جاء من السجود ليوسف ؛ فهو سجود تحية، لا سجود عبادة، وقد كان سجودُ التحية جائزاً في شريعتهم، وحُرِّم في الشريعة المحمدية، وقد سبق التنبيه على ذلك في «القاعدة الخامسة» (١).

ومن أدلة دعوة الأنبياء للتوحيد، وإقامة الدين بالإخلاص لله تعالى؛ ما ذكره المؤلف من الآيات، كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون (٢٥)﴾.

فدين الرسل واحد، وهو: «التوحيد»، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦]. والأمة هنا؛ هي: «الملة»، ومن أدلة ذلك قوله : «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة»، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: «الأنبياء إخوة من عَلَّات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد، فليس بيننا نبي» (٢).

وإخوة العَلَّات؛ هم: الإخوة لأب (٣).

فالدين واحد؛ وهو: التوحيد، والشرائع مختلفة، كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨] (٤).

* * *


(١) ص ٣٧٦.
(٢) رواه البخاري (٣٤٤٣)، ومسلم (٢٣٦٥) - واللفظ له - من حديث أبي هريرة .
(٣) والإخوة لأم؛ يقال لهم: «الَأخْياف»، والإخوة لأبٍ وأمٍ؛ يقال لهم: «الَأعْيان». «لسان العرب» ١١/ ٤٦٧.
(٤) «قاعدة في توحد الملة وتعدد الشرائع» ص ١٠٦، و «الرد على المنطقيين» ص ٣٣٦.

<<  <   >  >>