وقد تنازع الناس فيمن تقدم من أمة موسى، وعيسى؛ هل هم مسلمون أم لا؟ وهو نزاع لفظي، فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به محمداً ﷺ، المتضمن لشريعة القرآن؛ ليس عليه إلا أمة محمد ﷺ، والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا، وأما الإسلام العام، المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبياً من الأنبياء؛ فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء.
ممَّا يدل على أن دين الأنبياء واحد ودعوتهم واحدة: أن أولهم يبشر بآخرهم ويؤمن به، وآخرهم يصدق بأولهم ويؤمن به، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِين (٨١)﴾.
وقد جعل الله تعالى الإيمان بالرسل متلازماً، فلا يكون الشخص مؤمناً برسول؛ حتى يؤمن بجميع الرسل، ومن كفر ببعضهم؛ فقد كفر وبطل إيمانه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا (١٥٠) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا﴾، ونحو ذلك من الآيات التي ذكرها المؤلف.