وإنما غاية ما وصل إليه الشرك في الربوبية؛ اعتقاد أن بعضَ الموجوداتِ خلقٌ لغير الله؛ كأفعال العباد عند القدرية، وبعض المخلوقات التي يزعم عباد الكواكب أنها من صنع معبوداتهم، لكنَّ الوجودَ كلَّه راجعٌ إلى خالق واحد.
وقد ذكر الشيخ أنه لم يَنقل أحدٌ من كتاب المقالات - الذين جمعوا أقوال أهل الملل والنحل، والديانات، والآراء - عن أحدٍ؛ إثباتَ شريكٍ مشارك لله تعالى في خلق جميع المخلوقات، ولا مماثل في الصفات، أي: لم ينقلوا عن أحد إثبات خالقين متماثلين متكافئين؛ بل أعظم ما نقلوا من الشرك في الربوبية؛ شرك الثنوية، القائلين بالأصلين: النور والظلمة، وأن النور؛ خَلَق الخير، والظلمة؛ خلقتِ الشر (١)، وذكروا لهم في الظلمة قولين:
أحدهما: أنها محدثة، وعلى هذا: تكون مخلوقة من جملة المخلوقات.
والقول الثاني: أنها قديمة؛ لكنها لم تفعل إلا الشر، وعلى هذا: فهي ناقصة في ذاتها، وصفاتها، ومفعولاتها عن النور.
فيكون الإله الكامل والخالق الكامل؛ واحداً.
وبهذا يتبين: أنه لم يقل أحد من مشركي العالم بوجود خالقين متكافئين متماثلين في ذاتهما وصفاتهما.