للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقدم التنبيه إلى أن الشرك المشهور الظاهر في الأمم؛ إنما هو الشرك في العبادة، فسائر الأمم مقرون بأن خالق العالم واحد، سوى ما ذهب إليه بعض الثنوية من القول بالأصلين، على ما بينهم من تفاوت في ذلك.

يوضح هذا أن الله تعالى أخبر عن المشركين في كتابه أنهم يقرون بربوبيته تعالى كما في قوله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ الآيةَ، وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُون (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُون (٨٥)﴾ الآياتِ، وهذا من الاحتجاج بتوحيد الربوبية الذي أثبتوه؛ على توحيد الإلهية الذي أنكروه؛ لأن توحيد الربوبية؛ مستلزم لتوحيد العبادة.

فالمشركون يؤمنون بتوحيد الربوبية، ويشركون بتوحيد الألوهية، فجمعوا بين الإيمان والشرك، كما قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُون (١٠٦)﴾.

ومن المعلوم أن الإيمان بتوحيد الربوبية فقط دون الألوهية؛ لا يكفي لدخول صاحبه في الإسلام، ولا نجاته من النار.

فالإيمان بتوحيد الربوبية من الإيمان المطلوب شرعاً، ولكن لا يكون به وحده الشخص مسلماً (١).


(١) «درء تعارض العقل والنقل» ١/ ٢٢٦، و «مجموع الفتاوى» ٨/ ٣٧٠، و «منهاج السنة» ٥/ ٣٢٧.

<<  <   >  >>