للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقدم أن أهل الكلام أدرجوا نفي الصفات في مسمى التوحيد بحجة نفي التشبيه، وحَمَلَة راية هذه البدعة؛ هم: المعتزلة؛ إذ إن من أصولهم الخمسة: «التوحيد» الذي أدرجوا فيه نفي الصفات، وسموا أنفسهم «موحدين»، لذلك سمَّوا مَنْ يثبت الصفات «مشبهاً».

فمن قال: (إن لله تعالى علماً) أو: (قدرة) أو: (إنه يرى في الآخرة)، أو: (إن القرآن كلام الله منزل، غير مخلوق)؛ مَنْ قال ذلك؛ صار عند المعتزلة مشبهاً غير موحد.

وزاد عليهم غلاة الجهمية، والفلاسفة، والقرامطة، فنفوا أسماء الله تعالى الحسنى، فمَن قال: (إن اللهَ عليمٌ، قدير، عزيز، حكيم)؛ صار عندهم مشبها ًغير موحد، فالمعتزلة عند هؤلاء مشبهة؛ لأنهم يثبتون لله تعالى الأسماء الحسنى.

وزاد عليهم غلاة الغلاة مِنْ الباطنية؛ وهم الذين وصفوا الله تعالى بسلب النقيضين فقالوا: (إنه لا يوصف بالنفي، ولا الإثبات)؛ لأن في كلٍّ منهما تشبيهاً له، فالنفي تشبيه له بالمعدومات، والإثبات تشبيه له بالموجودات؛ فغلاة الجهمية عند هؤلاء، ونحوهم، الذين يصفون الله تعالى بالسلوب: مشبهة؛ لأنهم شبهوه بالمعدومات.

ثم يقرر الشيخ أن هؤلاء كلهم وقعوا مِنْ جنس التشبيه فيما هو شر ممَّا فروا منه، فإنهم لما فروا من تشبيه الله تعالى بالأحياء - بزعمهم - وقعوا في تشبيهه ب:

<<  <   >  >>