فهؤلاء المتصوفون الذين يشهدون الحقيقة الكونية، مع إعراضهم عن الأمر والنهي؛ شرٌّ من القدرية المعتزلة ونحوهم، أولئك يُشَبَّهون بالمجوس، وهؤلاء يشبَّهون بالمشركين الذين قالوا: ﴿لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٤٨]، والمشركون شرٌّ من المجوس.
بعد أن ذكر الشيخ موازنة بين القدرية والجبرية، بيَّن أن غلاة المتصوفة يشهدون الحقيقة الكونية، أي: يشهدون أن الله تعالى ربُّ كلِّ شيء، ومليكُه، وخالقُ كل شيء، ويعرضون عن الأمر والنهي، فهم قائلون بالجبر والإرجاء، أي: إنهم سالكون مسلك جهم.
فهؤلاء شرٌّ من القدرية المعتزلة، فإن القدرية المعتزلة يشبهون بالمجوس؛ لأنهم جعلوا العبد يخلق فعل نفسه؛ فجعلوا خالقاً مع الله، وهؤلاء الصوفية المرجئة الجبرية يشبهون بالمشركين الذين قالوا: ﴿لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾، والمشركون شرٌّ من المجوس.
وهذا تأكيد لما سبق من قول الشيخ: إن الإقرارَ بالأمر والنهي، والوعد والوعيد مع إنكار القدر؛ خيرٌ من الإقرار بالقدر مع إنكار الأمر والنهي، والوعد والوعيد.