للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما الشفاعة التي يظنها المشركون لآلهتهم؛ فهي: كشفاعة المخلوق عند المخلوق، حيث تكون بغير إذنه ولا رضاه؛ بل قد يقبل المشفوع عنده الشفاعة مضطراً؛ لأنه يرجو الشافع، أو يخافه.

أما الله تعالى؛ فإن المُلك كلَّه له، فلا أحد يشفع إلا مِنْ بعد إذنه، ورضاه، ولهذا يأتي الكلام في اتخاذ المشركين لهم شفعاء مربوطاً بتفرده تعالى بالملك، كما قال ﷿: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُون (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون (٤٤)﴾، وقوله تعالى: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾.

فأبطل تعالى ما ظنه المشركون من الشفاعة، كما قال: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاع (١٨)[غافر] وقال: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِين (٤٨)[المدثر].

والشفاعة المثبتة؛ هي التي تكون بإذن الله سبحانه للشافع أن يشفع؛ وهم: أولياء الله، وتكون لمن رضي عنه؛ وهم: أهل التوحيد، كما في حديث أبي هريرة قال: «مَنْ أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: «من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه» (١)، وكما قال تعالى: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾، وقال تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاء وَيَرْضَى (٢٦)﴾.

وقد دلت هذه الآيات التي ذكرها المؤلف على: أن هؤلاء الذين عبدوا ما عبدوا زاعمين أنهم يشفعون لهم؛ مشركون، كما في


(١) رواه البخاري (٩٩).

<<  <   >  >>