للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْا مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُون (٥٩)﴾، فجعل الإيتاء لله ورسوله، والإيتاء؛ هو: الإعطاء الشرعي المتضمن: الإباحة، والإحلال، الذي بلغه الرسول ، فالطاعة في ذلك تكون للرسول؛ كما تكون لله قال تعالى: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ [النساء: ٨٠] وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾؛ فالحلال ما حلَّله، والحرام ما حرَّمه، والدين ما شرعه (١).

فالإيتاء الشرعي؛ يكون من الله تعالى ابتداء، ومن الرسول بلاغاً، وإذا رَزق الله العبدَ مالاً حلالاً؛ فهذا إيتاء شرعي، وكوني، وينفرد الإيتاء الكوني فيما يحصل للعبد مِنْ كسب حرام.

وأما الحسب؛ فهو: الكافي، والله وحده كافٍ عبده، ولهذا كان الحَسْبُ والرغبة لله وحده، فلا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِين (٦٤)﴾ أي: الله وحده كافيك وكافٍ مَنْ اتبعك من المؤمنين، وهذا هو التفسير الصحيح للآية، وليس معناها ما قاله بعضهم مِنْ أن المراد: «أن الله والمؤمنين حسبك»، فإن هذا غلط؛ بل الله وحده كافٍ نبيه، وكافٍ عباده المؤمنين.


(١) «منهاج السنة» ٢/ ٤٤٦، و «التوسل والوسيلة» ص ٢٩٣، و «العبودية» ص ١٥٤ و ٢٣٤، و «مجموع الفتاوى» ١١/ ٤٩٨.

<<  <   >  >>