للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾).

ولعل هذه الآية أعظم وأبلغ آية في بيان حق الرسول ، فإن الله تعالى نفى الإيمان عمَّن لم يحكم الرسول بأبلغ عبارة؛ فقال: ﴿فَلَا﴾، وأكد هذا النفي بالقسم بأعظم مقسم به؛ فقال: ﴿وَرَبِّكَ﴾، وفي تخصيص هذا الوصف، وهو ربوبيته للرسول؛ تنبيه على أن هذا التشريف، وهذا التفضيل، والتنويه؛ هو من آثار ربوبيته تعالى لنبيه .

وكرر أداة النفي «لا» في قوله: ﴿فَلَا﴾ وقوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾، ثم لم يقتصر الأمر على مجرد التحكيم؛ بل شرط مع ذلك عدم وجود الحرج في النفوس، كما شرط التسليم المطلق.

فمَن لم يحقق هذه الصفات؛ فهو ناقص الإيمان، أو عديم الإيمان، ومن الآيات الدالة على وجوب تقديم محبة الرسول على سائر الخلق آية المحبوبات الثمانية في سورة براءة؛ وهي: قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ﴾ الآية.

ومن مقتضيات شهادة أن محمداً رسول الله؛ التقيد بشرعه، وعدم الإحداث فيه؛ لأن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وقد قال : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد» (١)، فكل عبادة، وكل عقيدة، وكل دين يتدين به شخص؛ لم يرد في الشرع؛


(١) رواه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) من حديث عائشة .

<<  <   >  >>