بقوله:(أهل الهدى والفلاح)، كما قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون (٥)﴾ [البقرة].
فهم يؤمنون بهذا وهذا، أي: بالشرع والقدر.
ثم فصَّل الشيخ وبيَّن حقيقة إيمانهم بالقدر؛ وهو: الإيمان بأن الله خالقُ كلِّ شيء وربُه ومليكُه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه على كل شيء قدير، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء أحصاه في كتاب مبين.
فالإيمان بهذا الأصل؛ يتضمن الإيمان بمراتب القدر الأربعة؛ وهي: الإيمان بعموم علم الله، وكتابه، ومشيئته، وخلقه.
ومع إيمان أهل الهدى والفلاح بالقدر، وأن الله تعالى خالق كل شيء، وربه، ومليكه؛ فهم لا ينكرون ما خلقه الله تعالى من الأسباب التي يخلق بها المسبَّبات؛ بل هم يثبتون الأسباب.
ويدخل في إثبات الأسباب؛ إثبات الأمر والنهي، وهذه مِنْ المسائل الكبيرة التي انقسم فيها الناس، واختلفوا فيها تبعاً لاختلافهم في القدر.
والأسباب نوعان: أسباب كونية، وأسباب شرعية، فمن الأسباب الكونية: إنزال الماء بالسحاب، وإنبات الزرع بالماء؛ كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾، ف «الباء» في قوله تعالى: ﴿بِهِ﴾ سببية.