قوله:(نفياً وإثباتاً) أي: من حيث الغاية؛ فإن غايةَ الأمرِ الإثباتُ، وغايةَ النهيِ النفيُ، فقولك:«اذهب»، «اجلس»، ونحوه؛ غايته ومقصوده: حصول المطلوب، وهذا هو معنى الإثبات، وقولك:«لا تذهب»، «لا تجلس»، ونحوه؛ غايته ومقصوده: عدمٌ ونفيٌ، وبهذا يكون الطلب متضمناً للنفي والإثبات.
قوله:(والإنسان يجد في نفسه الفرق بين النفي والإثبات، والتصديق والتكذيب، وبين الحب والبغض، والحض والمنع) فهذا أمر جِبِلِّيٌّ في الإنسان، فالذي يقول لك مثلاً:«قمْ» لا تقول له: «صدقت»، أو «كذبت» والذي يقول لك: «فلانٌ مسافرٌ»، أو «فلانٌ لم يقدَمْ» تقول له: «صدقت»، أو «كذبت».
فمِمَّا فطر الله تعالى عليه عباده الفرق بين التصديق والتكذيب، والحب والبغض، والحض والمنع.
قوله:(كما ذكر ذلك الفقهاء في كتاب الأيمان) جَمْعُ يمينٍ؛ وهو: القَسَم؛ فالفقهاء ذكروا في هذا الكتاب: أن الكلام ينقسم إلى: خبر وطلب؛ لأنهم يقسمون اليمين إلى: يمين مكفَّرة، ويمينٍ غير مكفَّرة.
واليمين المكفرة؛ هي: التي تدخلها الكفارة، وغير المكفرة؛ هي: التي لا تدخلها الكفارة (١)، فالحلفُ على المستقبل على فعل، أو ترْك، هذا هو «الإنشاء»، والحلف على أمر واقع؛ هو «الخبر».
(١) «الحاوي الكبير» ١٥/ ٢٦٦، و «بداية المجتهد» ١/ ٤٠٩، و «المحرر» ٣/ ١٩، و «الشرح الكبير» ٢٧/ ٤٧٠.