للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا سمعتَ بعضَ الشيوخ يقول: «أريد ألَّا أريد»، أو: «إن العارف لا حظَّ له»، أو: «إنه يصير كالميت بين يدي الغاسل»، ونحو ذلك؛ فهذا إنما يمدح منه سقوط إرادته التي لم يؤمر بها، وعدم حظه الذي لم يؤمر بطلبه، وأنه كالميت في طلب ما لم يؤمر بطلبه، وترك دفع ما لم يؤمر بدفعه.

ومن أراد بذلك أنه تبطل إرادته بالكلية، وأنه لا يحس باللذة والألم، والنافع والضار؛ فهذا مخالف لضرورة الحس والعقل، ومن مدح هذا؛ فهو مخالف لضرورة الدِّين والعقل.

يذكر الشيخ هنا بعض عبارات الصوفية، ويناقشها، ويبيِّن ما تحتمله من معنى صحيح، وباطل (١).

فالعبارة الأولى: (أريد ألَّا أريد) (٢)، فهذا إنما يمدح منه سقوط الإرادة التي لم يؤمر بها الشخص: إرادة المحرم، وإرادة المفضولات المباحة.

أما سقوط إرادته مطلقاً حتى عن إرادة الطاعة، وترك المعصية؛ فهذا محرم شرعاً؛ لأنه يجب على الإنسان أن يريد الطاعة وترك المعصية،


(١) «مجموع الفتاوى» ١٠/ ٤٩٤، و «جامع المسائل» ٦/ ٩، و «مدارج السالكين» ٢/ ٨٢.
(٢) نسبها شيخ الإسلام إلى: أبي يزيد البسطامي. «الاستقامة» ص ٣٤٩، وانظر تعليقه عليها في «جامع المسائل» ٦/ ١١.

<<  <   >  >>