حتى العبارات التي يتكلم بها الإنسان إذا أراد أن يخبر عن الله تعالى؛ فإن كلامه هذا خبرٌ، كقوله:«اللهُ تعالى عظيمٌ»، «اللهُ تعالى فوقَ عرشه»، «اللهُ تعالى ليس حَالَّاً في مخلوقاته» إلخ.
حتى الأقوال الأخرى المردودة، كقول المبتدعة:«إن اللهَ جسمٌ»، أو:«ليس بجسم»، ونحوها من الألفاظ التي لا يصح إطلاقها نفياً ولا إثباتاً، وكقول بعض المبتدعة:«إن الله تعالى لا ينزل إلى السماء الدنيا»، أو:«لا يجيءُ يوم القيامة، وإنما يجيءُ أمره»، فكل هذا من باب «الخبر».
وأما الكلام في «الشرع والقدر»؛ فهو من باب «الطلبِ»، والواقعُ أن الذي من باب «الطلب» هو «الشرع»، فالكلام فيه شيء من التجوز، أو التغليبِ: تغليبِ الشرع على القدر.
وبيْن الشرع والقدر ارتباطٌ وثيق؛ لأن كُلاً منهما متعلق بأفعال المكلفينَ، فكل ما وقع من أفعال المكلفين فإنه بقدر الله تعالى، وكلها يتعلق بها الشرع، لأن أفعال المكلفين؛ إما طاعة، أو معصية، أو مباحة.
فالذي نصوصه من باب «الطلب» هو «الشرع»، وأما نصوص «القدر»؛ فهي من باب «الخبر» لما تقدم (١): أن الإيمان بالقدر هو من الإيمان بالله تعالى؛ لأن الإيمان بالقدر هو الإيمان بعلم الله تعالى السابق، وكتابته لمقادير الأشياء، والإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بعموم خلقه تعالى، وهذا كلُّه من الإيمان بالله ﷾.