للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجماع ذلك أنه لا بدَّ له في الأمر مِنْ أصلين، ولا بدَّ له في القدر من أصلين؛ ففي الأمر: عليه الاجتهاد في الامتثال عِلماً وعملاً، فلا يزال يجتهد في العلم بما أمر الله به، والعمل بذلك، ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور، وتعديه للحدود.

ولهذا كان من المشروع أن تختتم جميع الأعمال بالاستغفار؛ ف «كان النبي إذا انصرف من صلاته: استغفر، ثلاثاً» (١)، وقد قال تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار (١٧)[آل عمران]، فقاموا الليل، ثم ختموا بالاستغفار، وآخر سورة نزلت قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْح (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)[النصر]، وفي الحديث الصحيح أنه كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن (٢).

وأما في القدر؛ فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به، ويتوكل عليه، ويدعوه، ويرغب إليه، ويستعيذ به، فيكون مفتقراً إليه في طلب الخير وترك الشر، وعليه: أن يصبر على المقدور، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإذا آذاه الناس؛ علم أن ذلك مقدَّر عليه.


(١) رواه مسلم (٥٩١) من حديث ثوبان .
(٢) رواه البخاري (٨١٧)، ومسلم (٤٨٤) من حديث عائشة .

<<  <   >  >>