فالمعتزلة ونحوهم مِنْ القدرية الذين أنكروا القدر؛ هم في تعظيم الأمر والنهي، والوعد والوعيد؛ خيرٌ من هؤلاء الجبرية القدرية، الذين يعرضون عن الشرع، والأمر والنهي.
والصوفية؛ هم في القدر، ومشاهدة «توحيد الربوبية»؛ خيرٌ من المعتزلة، ولكن فيهم مَنْ فيه نوعُ بدعٍ، مع إعراض عن بعض الأمر والنهي، والوعد والوعيد، حتى يجعلوا الغاية هي مشاهدة «توحيد الربوبية» والفناء في ذلك، فيصيرون - أيضاً - معتزلين لجماعة المسلمين وسنتهم؛ فهم معتزلة من هذا الوجه، وقد يكون ما وقعوا فيه من البدعة؛ شراً من بدعة أولئك المعتزلة، وكلتا الطائفتين نشأت من البصرة.
وإنما دين الله ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه، وهو الصراط المستقيم، وهو طريق أصحاب رسول الله ﷺ، خير القرون، وأفضل الأمة، وأكرم الخلق على الله بعد النبيين، قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: ١٠٠]، فرضي عن السابقين الأولين رضاء مطلقاً، ورضي عن التابعين لهم بإحسان.
وقد قال النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة:«خيرُ القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»(١).
(١) رواه البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣) من حديث ابن مسعود، والبخاري (٣٦٥٠)، ومسلم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين، والبخاري (٣٥٥٧)، ومسلم (٢٥٣٤) من حديث أبي هريرة، ومسلم (٢٥٣٦) من حديث عائشة ﵃، بألفاظ نحو ما ذكر شيخ الإسلام.