القسم الثالث: من لهم استعانة وصبر، ولكنهم ليسوا أهل عبادة، فهم معرضون عن الأمر والنهي، أو أن إيمانهم بالأمر والنهي ضعيف، فنظرهم واقف على القدر، وهذا ينطبق على الجبرية من الجهمية، والصوفية، ونحوهم، وقد تقدم أن جهمَ بن صفوان كان يقول بالإرجاء، مع قوله بالجبر (١).
وعند الموازنة بين القسم الثاني والثالث، أي: بين المعتزلة والجبرية؛ نجد أن الجبرية خيرٌ من المعتزلة في باب القدر، والمعتزلة خيرٌ من الجبرية في باب الأمر والنهي.
أما من ناحية الموازنة العامة؛ فنقول إن المعتزلة - على نفيهم القدر - خيرٌ من الجبرية؛ لأن إنكار القدر مع إثبات الأمر والنهي؛ خيرٌ وأفضل من إثبات القدر مع الإعراض عن الأمر والنهي.
القسم الرابع: وهو شر الأقسام؛ وهم: من لا يعبدون الله، ولا يستعينون به، وهذا ينطبق على الملاحدة، وقد يصدق على المفرطين من المعتزلة؛ لأنهم في الأصل ينكرون القدر، فلا استعانة عندهم ولا صبر، ثم إذا فرط أحدهم في الأمر والنهي؛ صار من هذا القسم.
وقد يقرب من هذا ويشبهه: المفرطون مِنْ فُسَّاق المسلمين عموماً، المفرطون في العبادة، والمعرضون عن ربهم، فلا يستعينون به، ولا يذكرونه إلا في أشد الشدائد أحياناً.