للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالكيفية لا يجوز للعبد التعرض لها، ولكن صفات الله تعالى لها كيفية لا نعلمها، فأهل السنة لا ينفون الكيفية، ولكن ينفون التكييف، فهم ينفون العلم بالكيفية، فلا يعلم كيف هو إلا هو، ولا يعلم كيفية صفاته إلا هو.

قوله: (ولا تمثيل) التمثيل: مأخوذ من «المِثل»، وهو: «النظير» (١)، فالتمثيل؛ هو: «الحكم على الشيء بأنه مِثلٌ لشيء آخر»، والمراد بالتمثيل هنا: «تمثيل الخالق بالمخلوق، أو: تمثيل المخلوق بالخالق».

والتشبيهُ الذي قامت الأدلة على نفيه وإبطاله؛ هو: «وصف الخالق بخصائص المخلوق، أو: وصف المخلوق بخصائص الخالق».

وهذا المقام اضطرب فيه الناس، ونشأ عنه ما نشأ من التعطيل (٢)، فإن المعطلة قالوا: «إنَّ إثباتَ الصفات لله تعالى تشبيهٌ»، فأوجب لهم هذا أن ينفوا الصفات؛ لأنهم قالوا: «إن المخلوقات توصف بهذه الصفات، فلو أثبتنا لله الصفات؛ للزم من ذلك التمثيل»؛ فنفوها، هذه هي شبهتهم.

ولكن التشبيه الذي ورد نفيه وإبطاله في النصوص؛ هو: وصف الله بخصائص المخلوق، أو: العكس، ف «العِلمُ» ليس من خصائص الخالق، فإن المخلوق يوصف ب «العلم» أيضاً، وهكذا «السمع»، «والبصر»، ونحوها، فمطلقُ «العلم»، و «السمع»، و «البصر» - مَثلاً - معانٍ مشتركةٌ في اللفظ والمعنى.


(١) «معجم مقاييس اللغة» ٥/ ٢٩٦.
(٢) «الصفدية» ص ١٢٩.

<<  <   >  >>