للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المخلوق بالخالق حيث ألَّهُوا المسيح، فالنصارى وقعوا بهذا في نوعَي التشبيه.

والمشركون الذين عبدوا مع الله تعالى سِواه؛ وقعوا في تشبيه المخلوق بالخالق، فهذا هو التمثيل الذي يجب نفيه، وبرئ منه مذهب أهل السنة والجماعة.

والتكييف والتمثيل بينهما تلازم، فكلُّ مَنْ كيَّف صفاتِ الله تعالى؛ فقد شبه الله بخلقه.

وتمثيل الخالق بالمخلوق يستلزم التكييف، وتمثيل المخلوق بالخالق قد يتضمن التكييف.

قوله: (ومن غير تحريف) التحريف: مأخوذ من الحَرْف، بمعنى: الطرف (١)، ففيه تغييرٌ ومَيلٌ، وهو في الاصطلاح: «تغيير كلام الله، أو كلام رسوله عن وجهه لفظاً أو معنى»، وهذا التغيير فيه جنوح عن الصواب والحق، فكان فيه انحراف عن الوسطية والعدل، فالتحريف والانحراف بينهما تقارب من حيث اللفظ، ومن حيث المعنى.

والتحريف يكون للألفاظ، ويكون للمعاني، والأغلب إطلاقه على تغييرِ المعنى. وتغييرُ اللفظ يكون بالزيادة والنقص.

ومن أمثلة التحريف اللفظي ما يروى عن بعض الجهمية أنه طلب من أحد القُرَّاء أن يقرأ قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)[النساء] بنصب لفظ الجلالة -؛ لأنه حينئذ لا يكون في الآية دلالة على تكَلُّمِ الله


(١) «القاموس المحيط» ص ١٠٣٢.

<<  <   >  >>