للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر ما يطلق اسم «الإلحاد» في كلام العلماء على الإلحاد الاعتقادي، وقد يخصونه بِشَرِّ أنواع الإلحاد؛ وهو: إنكار وجود الرب ، فيُسمى الدهرية: ملاحدة؛ لأنهم منكرون للخالق، والنبوات، والمعاد، فهم شرُّ الملاحدة، ولكن جنس الإلحاد لا يختص بهم، فاسم الإلحاد في الشرع يشمل أموراً كثيرة، كما سيأتي في الكلام على الإلحاد في أسماء الله تعالى، وفي آياته سبحانه.

والشرك الذي هو عبادة غير الله مع الله من شرِّ الإلحاد، وهو إلحادٌ في عبادة الله بصرف محضِ حقه إلى غيره.

والإلحادُ أعم هذه المعاني أعني: التكييفَ، والتمثيلَ، والتحريفَ، والتعطيلَ؛ فالتحريفُ، والتعطيلُ، والتكييفُ، والتمثيلُ؛ كلُّها إلحادٌ.

فالتحريفُ إلحادٌ في آيات الله، والتعطيلُ إلحادٌ في أسماء الله تعالى وفي صفاته، والتكييفُ إلحادٌ - أيضاً - في أسماء الله وصفاته، والتمثيلُ كذلك؛ فإن من شبَّه الله تعالى بخلقه؛ فقد ألحد في أسماء الله وصفاته.

والتعطيلُ والتشبيه معنيانِ متباينان، فالمشبهة غلوا في الإثبات، والمعطلة غلوا في النفي، والتعطيلُ والتمثيل بينهما تلازم من وجه، فالتشبيهُ يستلزم التعطيلَ، والتعطيلُ يستلزم التشبيهَ، فكلُّ مشبِّهٍ معطلٌ من وجه، وكلُّ معطلٍ مشبِّهٌ من وجه، وذلك أن من أثبت لله تعالى صفات تماثل صفات المخلوقين؛ فهو مشبِّه، وهو - أيضاً - معطل؛ لأنه لم يثبت لله ما يستحقه من الصفات؛ بل وصف الله بصفات لا تليق به ؛ فصار بهذا الاعتبار معطلاً، وإن كان أصلَ مذهبِه التشبيهُ.

<<  <   >  >>