مِنْهُمَا مَعَ أَوْلَاد أَخِيه أَو مَعَ إخْوَته على مائدة وَاحِدَة يخدمون ويأكلون فهم كالمتفاوضين فَمَا اشْتَرَاهُ أحدهم من أصُول أَو غَيرهَا باسم نَفسه يدْخل مَعَه غَيره، ويشاركه فِيهِ على قدر عمله إِن كَانَ المَال الْمُشْتَرى بِهِ نَشأ عَن أَيْديهم، أَو على قدر نصِيبه فِي المَال إِن كَانَ الْمُشْتَرى بِهِ مَالا موروثاً وَنَحْو ذَلِك. وَهَذَا إِذا كَانُوا كلهم رشداء أَو فيهم صَغِير يُمَيّز معنى الشّركَة وَوَقع مِنْهُ مَا يدل على الرِّضَا بهَا، إِلَّا أَنه يُخَيّر بعد رشده فِي إِمْضَاء الشّركَة أَو أَخذ حَظه من المَال الْوَاقِع بِهِ الشِّرَاء، وَأما من لم يُمَيّز أصلا فَإِنَّهُ لَا حق لَهُ فِي المُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَهُ واجبه من الثّمن الْمُشْتَرى بِهِ إِلَّا أَن يكون المُشْتَرِي أدخلهُ مَعَه فِي شِرَائِهِ، فَإِنَّهُ يُخَيّر بعد رشده فِي قبُول ذَلِك أَو أَخذ واجبه من المَال، وَذَلِكَ لِأَن الشّركَة عقد لَا يَصح إِلَّا من أهل التَّوْكِيل والتوكل، وَالَّذِي لم يُمَيّز لم يَقع مِنْهُ عقد وَلَا مَا يدل عَلَيْهِ قَالَه سَيِّدي أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب حَسْبَمَا نَقله العلمي. وَوَجهه ظَاهر خلاف مَا فِي المعيار عَن التازغدري آخر الْوَصَايَا مِنْهُ من أَن القَوْل قَوْله فِي شِرَاء الْأَمْلَاك لنَفسِهِ بِمَالِه الْخَاص بِهِ، وَنَحْوه فِي نَوَازِل الدَّعَاوَى مِنْهُ، ثمَّ مَا تقدم من أَن الشّركَة تكون فِيمَا نَشأ عَن أَيْديهم على قدر أَعْمَالهم هُوَ الصَّوَاب خلافًا لمن أطلق فِي ذَلِك، إِذْ لَيْسَ الْقوي كالضعيف وَلَا الصَّانِع كَغَيْرِهِ وَلَا خدمَة الْمَرْأَة كالذكر وَلَا من يرد أُوقِيَّة كمن يرد ثمنهَا قَالَه سَيِّدي أَحْمد الزواوي وَنَقله شَارِح الْعَمَل عِنْد قَوْله: وخدمة النِّسَاء فِي الْبَوَادِي الخ. وَهَذَا فِي المَال الْحَاصِل بِمُجَرَّد تكسبهم وَعمل أبدانهم، وَأما إِن كَانَ أصل المَال الَّذِي بَين أَيْديهم مَمْلُوكا لأَحَدهم فَقَط وَلكنه نما بخدمتهم وقيامهم عَلَيْهِ، فَإِن النَّمَاء لمَالِك الأَصْل وَعَلِيهِ أُجْرَة الْمثل لمن عداهُ اه. وَكَذَا الْوَلَد يقوم مَعَ أَبِيه سِنِين بعد بُلُوغه إِلَى أَن زوَّجه، وَكَانَ فِي هَذِه الْمدَّة يتَوَلَّى الْحَرْث والحصاد وخدمة الْأَمْلَاك بِنَفسِهِ، ثمَّ افترق مِنْهُ وَأَرَادَ مقاسمته فِي الْأَمْلَاك فَلَيْسَ لَهُ شَيْء فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُ أجر عمله ويحاسبه أَبوهُ بِنَفَقَتِهِ وَكسوته وَبِمَا زوَّجه قَالَه الجلالي يَعْنِي: وَكَذَا يُحَاسب غير المتزوج من الْأُخوة المتزوج مِنْهُم بِنَفَقَة زَوجته وصداقها كَمَا قَالَ (خَ) : وَإِلَّا حسبا كانفرادهما بِهِ أَي بِالْإِنْفَاقِ وَالزَّوْجَة. الثَّانِي: إِذا كَانَ الابْن يقوم بِأُمُور أَبِيه ثمَّ مَاتَ الْأَب فاستظهر الابْن برسوم أَمْلَاك اشْتَرَاهَا باسم نَفسه إِن أثبت أَنه كَانَ لَهُ مَال، وَأَن أَبَاهُ كَانَ سلم لَهُ فِيهَا فَهِيَ لَهُ، وَإِن أثبت أَنه كَانَ لَهُ مَال فَقَط فَهِيَ لَهُ إِن حلف، وَإِن لم يثبت وَاحِد مِنْهُمَا فالجميع مِيرَاث قَالَه سَيِّدي يحيى وسيدي رَاشد. قلت: وَمَا ذَاك إِلَّا لكَون الابْن لما كَانَ يقوم بِأُمُور أَبِيه فَهُوَ كَالْوَكِيلِ عَنهُ بِالْعَادَةِ فَلذَلِك إِذا لم يكن للِابْن مَال كَانَ الْجَمِيع مِيرَاثا. الثَّالِث: سُئِلَ سَيِّدي إِبْرَاهِيم بن هِلَال عَن أَخَوَيْنِ متفاوضين وَكَانَ أَحدهمَا مشارطاً على الْإِمَامَة ثمَّ أَرَادَ قسْمَة مَالهمَا فَأَرَادَ المشارط أَن يستبد بِجَمِيعِ مَا استفاده من الشَّرْط؟ فَأجَاب: مَذْهَب ابْن الْقَاسِم فِي الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا فِي المفاوض يُؤَاجر نَفسه فِي شَيْء أَنه يخْتَص بِهِ وَلَا يدْخل مَعَه شَرِيكه، وَقَالَ أَشهب وَأصبغ وَابْن حبيب: لَا يستبد بِهِ بل يكون بَينهمَا، وَرَأَوا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا ملك مَنَافِع صَاحبه بالتفاوض، وَلم يرد ذَلِك ابْن الْقَاسِم وَلَا محيد عَن قَوْله ومذهبه، وَسَيَأْتِي قَول النَّاظِم: وَمن لَهُ تحرف إِن عمله الخ. قَالَ: وَإِذا تقرر ذَلِك فَهَل لِأَخِيهِ أجر عمله فِي غير ذَلِك مِمَّا عمله وفضله بِهِ من الْعَمَل أم لَا؟ صرح ابْن الْقَاسِم فِي الْمُوازِية أَنه لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute